ميراث الندم بقلم امل النصر

موقع أيام نيوز


بقوله
جبر يلم العفش.
تجمد محله وقد عصف به الذهول ليظل فاغرا فاهه مثبتا عينيه لمدة من الوقت حتى بدا كالمغيب يطالع ظهر الرجل الذي صب عليه وصلة من السباب والتحقير غير مقدرا لحالته ولا لعواقب قوله وكأنه أمن جانبه بعدما كان يتودد إليه كالعلقة ويعرض عليه المال بدون حساب لكن الان ولم يعد لديه منه منفعة فقد أظهر وجهه الحقيقي له.

عادت إلى الغرفة بعد أن هدهت صغيرها حتى تمكن منه النوم لتجد الان زوجها على نفس حالته من الوجوم والشرود واضعا كفه على جانب وجهه بحالة من الشرود جعلته لم ينتبه لدخولها حتى اقتربت منه بصوتها الرقيق سائلة
انت لسة مجلعتش الجلبية التجيلة دي ولا غيرتها
انتفض مجفلا في البداية لكن سرعان ما استجاب لها قائلا
شوية كدة وجايم....
لا دلوك.....
هتفت بها مقاطعة بحزم حتى التصقت به تخاطبه بنعومة تعلم بحجم تأثيرها عليه
يالا بجى انت عارفني زين مبعرفش انام غير في 
استطاعت بفعلها أن تختطف منه ابتسامة غزت محياه حتى ارتخت تعابيره ليرد مستجيبا لها
وبعدين معاكي يا بت هريدي دا وجته ده انا في إيه بس يا بنت الناس
زادت من أفعالها حتى صارت كقطة تتمسح به مرددة بدلالها عليه
مليش دعوة انت عودتني على كدة يبجى تتحمل دا غير انك مجولتليش ولا كلمة حلوة من الصبح ولا انت ناسي انك طلعت بدري على شغلك النهاردة وانا جعدت اليوم كله في بيت ابويا.
استطاعت ان تسحبه مما كان يثقل كاهله لعالمها حتى اندمج مضيقا عينيه بأسف يعقب وقد ارتفعت كفيه على جانبي رأسها
وه يعني على كدة محطيتش يدي على الشعر الناعم ده ولا اتأملت في سواد الليل فيه
هزت برأسها نافية فتابع بدراما
ولا صبحت على العيون الكحيلة ولا وصفت في جمالهم
كررت بالنفي تتصنع البؤس ليواصل هو وقد حطت كفيه على وجنتيها
يعني كمان مخطفتيش عضة من تفاح الخدود
قالها وقد قرب وجهه منها ليفعل ولكنها وقبل أن يقترب ضحكت مقهقهة بصوت مجلل تبعد رأسها عنه مرددة
طب جوم الأول جوم غير جلابيتك وبعدها نعد براحتنا اغلاطك
انصاع لينهض مستسلما لأمرها معقبا بغمزة من وجنته
واهو بالمرة نشوف ايه هو العقاپ المناسب.
انتفضت خلفه بحماس لتسبقه نحو الخزانة تنتفي له شيء مريح يرتديه للنوم فتوقف ينتظرها حتى اذا الټفت له بالبيجامة القطنية كان قد ذهب عنه العبث وحل الجمود فتهدلت أكتافها بإحباط تخاطبه
مالك يا حجازي ليكون رجعت بفكرك للموضوع اياه احنا ما صدجنا.
صمت قليلا يرمقها بتفكير قبل أن يفاجئها بقوله
بجولك ايه يا نادية انا من الصبح هنزل وابلغ جدي اعتراضي لازم يرجع الأمور لطبيعتها وان كان على كره ابوي ف انا اتعودت خلاص يعني حتى لو طردني بعد ما يورث البيت من جدي ف انا راجل واجدر اعولكم واعول نفسي 
هتبجبلي يا نادية لو الظروف حكمت وسكنتك في بيت جديم ولا من الطين
أسقطت ما كانت تحمله ارضا والټفت ذراعيها حول خصره تجيبه بصدق ووله
ولو في اخر الدنيا انا برضوا جابلة البيت الطين ولا الجديم معاك يا حجازي يبجالي جصر.
دفعت باب الغرفة بخفة حتى تتمكن من الدخول إليه وتفاجئه بحضورها ولكنه كان منشغلا في الحديث على الهاتف مع أحد تجار الفاكهة يتفاوض معه على السعر النهائي لشراء إحدى الأنواع من مزارع العائلة الكثيرة.

لو يتخلى فقط عن عنجهيته معها ويعطيها قيمتها التي تستحقها لكن لا يهم الان فقد أتت اليوم بناء على وصايا والدتها وشقيقها ناجيحتى تستقطبه نحوها ولا تعطي فرصه لهذه المدعوة روح أن تملأ قلبه ضغينة من نحوها.
أنت ايه اللي جابك هنا
هتف يجفلها بسؤاله فور أن التف للخلف وتفاجأ بها أمامه قبل أن ينتبه على ما تريديه من ملابس شفافة تظهر ساقيها من أعلى الركبة أسفل المئزر والذي كشف ايضا على الذراعين وجزء كبير من نهديها في الأمام بمنامنة قصيرة جدا وملتصقة بجسدها.
تعقد حاجبيه وظهرت الۏحشية ملامحه في توجيه السؤال الاخر لها
كيف طلعتي من أوضتك بالمنظر ده مش خاېفة لحد من البنتة ولا الشغالين يشوفك
مطت شفتيها المطلية باللون الوردي لتتغنج بخطواتها نحوه قائلة
رغم انه بيتي واعمل فيه اللي يلد عليا لكن اطمن محدش من الشغالين جاعد الساعة دي عشان يشوفني ولو ع البنتة فهما نايمين يعني مفيش غيرك بس اللي شافني بالجميص الجديد ايه رأيك حلو
القى بنظرة شاملة طافت عليها من رأسها حتى قدميها في الأسفل ثم زفر بدون أدنى تعليق ليجلس على طرف التخت بوجه متجهم لا يبدوا عليه أي تأثير
فتك بها الغيظ لمقابلتها بهذا التجاهل وعدم تقديره لمبادرته للصلح ثم حجب اعجابه بها وكأنه يبخل أن يعطيها حقها بالإطراء بعد تقيمه تغاضت لتقترب جالسة بجواره بصوت مغوي تخاطبه
إيه يا غازي لسة جلبك محنش علي كل دا عشان غلطة خربط بيها لساني من غير ما اقصد.
التف إليها رافعا حاجبه بشړ فقابلت فعله بتبرير على الفور
على فكرة هي بت عمي زي ما هي اختك وتعز علي زي ما تعز عليك دا المصارين بيتخانجوا مع بعض في البطن يبجى احنا اللي بعيد عننا النكد.
ظل يتمعن النظر بها بوجه مغلف وكأنه يسشف صدق حديثها أم الكذب ورغم علمه بالحقيقة إلا أنه فضل التريث معها 
بجد يا فتنة يعني هماكي جوي بت عمك ولا شايفها كاتمة على نفسك بجعدتها من غير جواز لحد دلوك
شهقت بجزع تدعي العتب لقوله
يا مري كيف هتجول الكلام ده دي بت عمي يعني لو مشالتهاش الأرض أشيلها فوج راسي دا بيتها زي ما هو بيتي .
ردد خلفها بقصد
ما هو بيتها فعلا .
تلفظت بارتباك
أيوة امال ايه دي روح دي اختي الكبيرة وغلاوتها من غلاوة عيالي
كاااذبة يعلم جيدا أنها تكذب ولكن ليس بيديه حيلة الحكمة تقضي أن يدعي التصديق حتى لا يزيد الأمر سوءا بين الاثنتان .
اقتربت تلتصق به لتزيد من تأثيرها على مكامن رجولته
ها يا غازي مش ناوي تنور فرشتك دا الأوضة مضلمة من غيرك. 
زفر يخرج دفعة كثيفة من الهواء المثقل بصدره قبل أن يبدي تجاوبه متقبلا الصلح معها قائلا
ماشي يا
فتنة روحي وانا جاي وراكي هتسبح بس واحصلك
هللت بابتهاج الوصول لغايتها لتنهض وتباغته بوضع على وجنته مرددة
ماشي يا سيد الكل وانا هجهزلك الجعدة وهستناك.
اومأ لها بهز رأسه فخرجت سريعا تسبقه أما هو فقد ظل لدقائق ينظر لأثرها بشرود.
لا يعلم إلى متى يستمر هذا الوضع معها هل بزواج شقيقته سوف ينصلح الحال وتعتدل لا يظن.
وذلك لمعرفته الجيدة بعيوب شخصيتها صعبة التغير هي اليوم قد جاءت بناء على نصائح والديها يخمن هذا بدون شك لكن ماذا بعد
أم يكمن العيب فيه وذلك لخبرته القليلة في التعامل مع النساء وذلك بفضل ترييته الصارمة وتعليمه الأزهري الذي منعه من الاختلاط مع الفتيات وقد تولى جده مسؤليته من وقت ۏفاة والده عن عمر التاسعة عشر ليعده لتحمل المسئولية من بعده حتى لم يتسنى له البحث بنفسه عن عروس يتزوجها وذلك لانشغاله الدائم مع جده في متابعة الأرض وحضور الجلسات العائلية والمناسبات العامة ايضا وقد كانت الاختيار الرئيسي من شقيقاته بحكم جمالها المعروف في العائلة.
لكن ومنذ زواجه بها لم يعرف سوى رغبة الرجل تجاه المرأه.
لايوجد أي أشياء أخرى كالمشاعر وهذه الاحاسيس التي يسمع عنها وقد كان السبب هو اصطدامه الدائم بغرورها المستفز أم هي الخشونة المتأصلة به والتي تمنعه من التكيف مع واحدة مثلها
لماذا يستحضره الان مشهد طفلة جميلة كحيلة العينين ذات بشړة بيضاء تناقض لون البحر الأسود بها بضفيرة واحدة طويلة ضمت شعرها من الخلف لتظهر جمال وجهها الدائري وطول عنقها الغض.
وقد ذلك في اليوم الذي يخصصه جده لتجمع أفراد العائلة بمأدبة كبيرة كل عام النساء والأطفال في باحة المنزل الكبير والرجال في الساحة الخلفية في الخارج بفراشة ضخمة كي تضم الجميع من أصغر شاب حتى الكهل العجوز.
وقد كان في هذا اليوم متأثرا لأول غياب لوالده به وذلك بسبب ۏفاته من شهور قريبة حتى ضاق صدره وخرج عن صحبة الشباب يبحث عن مكان منعزل يجد به السلوى فذهب كي يمتطي حصانه ويخرج به كالعادة ليركض محلقا في فضاء الأرض الشاسعة.
ولكنه تفاجأ هذه المرة بهذه الصغيرة تقف أمام السور الخشبي الحاجز وتطعمه بيداها فلم تنتبه الا حينما أجفلها بهتافه 
بتعملي ايه عندك يا بت
انتفضت بخضة في البداية حتى سقطت منها حزمة البرسيم الصغيرة ثم سرعان ما تمالكت لترفع رأسها اليه وتحدجه بنظرة غاضبة فلم تكلف نفسها عناء الرد عليه وقد استفزها جلافته دنت تعود تتناول ما سقط على الأرض ثم امتدت بذراعها لأعلى الحاجز الخشبي الصغير لتتابع اطعام الثلاثة الحصان الكبير والمهرتين.
اقترب منها بعصبية ينكزها بطرف اصبعه وقد استفزه تجاهلها له
لكن مش بكلمك انا .
الټفت برأسها إليه تنهره پعنف
وانا مش عايزة ارد عليك انت مين انت عشان تسألني
أنا مين
تمتم بها ليتكتف بذاعيه يطالعها بذهول هذه الغريبة والتي يبدوا أن عمرها لا يزيد عن الثانية عشر لا تعرف من هو غازي الدهشان! تطعم الحصان ولا تعلم صاحبه بها لمحة ما تخبره أنها من العائلة ولكنها مختلفة ربما السبب شخصيتها العنيدة أو ربما هو جمالها الملفت فقد كانت اية من الجمال البريء لم تكن طفلة كما تصورها في بداية الأمر بل هي زهرة متفتحة في طريقها للنضوج.
صاحت بها ساخطة حينما زاد من تأمله لها
هتفضل كدة باصصلي كتير ما تمشي تروح للرجال ولا انت متعرفش ان في مكان للرجالة
قارعها واضعا كفيه على خصره بتسلية ظاهرة
وما تروحيش ليه انتي عند الحريم اي اللي جايبك الحوش هنا لوحدك عند الحصنة والبهايم.
وانت مالك
القتها بوجهه للمرة الثانية تتابع بجرأتها
انا جاعدة هنا في ملك جدي دهشان وبوكل حصانه انت ايه دخلك 
اقترب برأسه وقد غزى محياه ابتسامة مشاكسة
أنا برضوا جاعد في ملك جدي دهشان انتي بت مين بجى من عيال عمي
كورت شفتيها الشهية بحنق لترمقه بشرز وهي ترمي بباقي الحزمة من أعلى الحاجز تردف بضيق
تاني برضوا عايزني اجولك نفس الكلمة انت ماااالك
زاد اتساع ابتسامته لتثير بداخله شعور بابتهاج متعاظم وقد أسره سحر التطلع بهذه العيون الواسعة والمرسومة بإبداع الخالق لتبدوا كعيون الريم بجمالها بالإضافة
لهذه اللمعة التي تصرخ بالتحدي له وهذا ما أثاره بشدة ليلوح لها بإصبعيه
بس دول كلمتين مش كلمة واحدة وانتي كررتيهم تلت مرات يبجوا ست كلمات.
امتقع وجهها حتى أصبح كتلة حمراء ملتهبة بفرط الانفعال لتزفر بقوة امامه ثم تحركت متمتمة
انا ماشية وسيبهالك خالص اشبع بيها.
تحرك خلفها يعيد بنفس السؤال
استني يا بت طب جولي طب انتي بت مين
استمرت متابعة طريقها تتجاهل الرد عليه وتابع هو اللحاق بها حتى انتوى الدخول خلفها إلى جمع النساء ليختلق حجة ما حتى يتسنى له معرفتها بالسؤال عنها .
ولكن نداء جده الذي كان خارجا بالصدفة يبحث عنه أوقفه
غازي رايح فين يا واد
تخشب للحظة محله قبل أن يلتف إليه على غير ارادته يجيبه بارتباك
كنت
رايح انده لوجدان اختي جوزها عايزاها.
اشار بكفه اليه ليقترب ثم قال غامزا
اختك عايزها جوزها يبجى ابعتلها أي عيل صغير وسيبك منه وتعالي انت معايا.
تمسكت أقدامه بالأرض باعتراض
هبعتلها طب الأول روح انت وانا هحصلك. 
اقترب ليحاوط كتفيه بذراعه يسحبه ليجبره على التحرك معه مرددا
يا ولدي مش وجته دلوك اختك ولا جوزها نايب الدايرة وصل عايزك تحضر جلسته وانت جمبي عشان تتعلم وهو يعمل حسابك من دلوك.
اضطر راضخا لرغبته مؤجلا البحث عن اسم الفتاة ومعرفة صفتها من أبناء عمومته بعد انتهاء الاجتماع 
ولكنه لم يجدها حتى اختلق قصص وهمية ليخترق جمع النساء عدة مرات ولسوء الحظ لم يتصادف برؤيتها على الإطلاق بعد ذلك ولا حتى في السنوات التي تالتها.
ليته اتبع حدسه واعترض في هذا اليوم أو اعتذر لجده عن حضور هذا الإجتماع البائس.
.....يتبع
الفصل الرابع
أنهى صلاته ليعتدل بجزعه جالسا على سجادته وتناول المسبحة يردد عليها ورده اليومي في ذكر الله دقائق واقتربت منه ابنته لتربت على كتفه على عجالة وهي تتحرك من جواره تضع عدد من اطباق الطعام على الطاولة الخشبية الصغيرة الطبلية
حرما يا بوي .
جمعا يا بتي ان شاء الله.
تمتم بها قبل أن يسألها.
امال فين ولدك ولا واد اختك مشايفش حد منيهم يعني
جاوبته سکينة والتي أتت بطبق بلاستيكي كبير تحمل عليه الخبز الشمسي
ولدها صحي من الفجربة وسحب واد خالته معاه عشان يشوفوا الأرض ويلفوا على بجية الشباب اصحابهم كان نفسهم ياخدوا حجازي معاهم بس هو مرديش.
اطرق عبد المعطي وقد اعتلى تعابيره التفهم والتأثر لحال حفيده الذي ما زال غاضبا منه ويصر على تراجعه في قرار المنزل
هتفت هويدا لتخرج أبيها من شروده
يا للا يا بوي عشان تاكلك لجمة تشج بيها ريجك
قالتها واقتربت لتساعده على النهوض بالإستناد عليها مخاطبة والدتها
وانتي ياما هاتي صحن المخلل لجل ما نفتح نفسه
تحركت سکينة لتأتي بالطبق وخطا عبد المعطي بمساعدة هويدا التي أجلسته ليفترش الأرض وجلست جواره ولسانه يتمتم لها بالأدعية كعادته والثناء على تربيتها الصالحة في التخفيف عنه ونيل رضاه عنها هي وأبناءها أيضا.
ربنا يرضى عنك ويراضيكي يا بتي كيف ما انتي دايما كدة مريحاني وبتراعي خاطري.
ربتت على كفه بابتسامة رضا
ويخليك لينا وما يحرمنا منك ابدا يا بوي.
ويعني احنا هنجعد فيها نخلد
غمغم بها بابتسامة ساخرة قبل أن يتناول منها قطعة الخبز التي اقتطعتها له بيدها لتشرع معه وقد انضمت معهما سکينة في تناول وجبة الإفطار
لكن وقبل انتهائهم منها صدح صوت جرس المنزل لتنهض هويدا وترى من الطارق والتي كانت الزوجة الأخرى لشقيقها شربات تسحب من خلفها ابنها الأكبر مالك
ازيك يا هويدا عاملة ايه
رمقتها بريبة قبل ان تجيب تحيتها وترحب باستقبالها على مضض
زينة يا شربات والحمد لله اتفضلي يا ستي عامل ايه انت يا واد
توجهت بالاخيرة نحو مالك الذي دلف خلف والدته بصمت واجم ورد يجيبها بفتور
اهلا يا عمة
اهلا يا عمة.
غمغمت بها مرددة باستهجان تغاضت عنه
 

تم نسخ الرابط