سجينه جبل العامري بقلم ندا حسن
المحتويات
الخضراء صاحبة اللمعة المخيفة وهو يكمل بتهكم
كده ولا ايه
تنظر إليه فقط ولم تتحدث يا له من حقېر حيوان يعبث بها كلما سمحت له الفرصة ليفعل ذلك شعرت بيده تفتح سحاب بنطالها الجينز فنظرت إلى الأسفل لتراه يبعده عن قدميها كادت أن تتحدث وتبتعد عنه ولكنها تألمت عندما سحبه على قدمها في موضع الالتهاب الذي سببه الحساء الساخن
ايه هات الكريم
غمزها مرة أخرى بعينه وهو يقول بمكر
دي تفوتني بردو
فتح العبوة وأخذ على إصبعيه منها ثم توجه بها إلى قدميها يضعه عليها برفق ولكنها شعرت بأن قدميها تحترق أكثر وأكثر فور أن وضعه عليها
هيحرقك شوية بس هيعمل مفعول بسرعة
فتحت عينيها السوداء ونظرت إليه فوجدته يرفع وجهه مرة أخرى إليها أومأت إليه بهدوء ورفق وتابعته وهو يحرك أصابعه على يدها بذلك الكريم برفق وحنان
سيبيها شوية كده
والكريم أهو ابقي حطي منه تاني
أومأت إليه مردفة بصوت خاڤت
طيب
جلس جوارها صامتا وبقيت هي كذلك تنظر أمامها إلى أن عبثت أفكار رأسها بها وودت أن تسأله أسئلة كثيرة وتحصل منه على إجابة
ولكنها تعلم أنه دوما لا يود إظهار الحقيقة إليها ولا يحب أن يجعلها ترتاح وتهدأ
شيئا بقي كما هو ينظر إلى الأمام وقال بثقة
عايزة تقولي ايه
ابتلعت غصة مريرة وقفت بحلقها وتابعت النظر إليه وهو يبعد وجهه عنها
بنت عمك
استدار ينظر إليها عندما تحدثت عنها كان متوقع ذلك ولكنه لم يكن متأكد منه سألها بهدوء
مالها
سألته بغباء وهي لا تدري كيف تسأله بطريقة أفضل من ذلك ليجيب عليها بصدق ولا تكن أمامه فضولية تتدخل في حياته التي أعلنت رفضها لها
تابع النظر إلى سوداوية عينيها وسألها مضيقا ما بين حاجبيه
كده إزاي مش فاهم قصدك
كده شوية بحنين واشتياق وشوية تانين بقسۏة وكره
أبعد نظرة إلى أمامه مرة ثانية فكر في حديثها الصحيح أنه عندما أبصرها شعر أنه مشتاق يسعى لأي طريق يدله إليها ثم لحظات وأدرك أنه ذلك المطعون في قلبه منها فلا اشتياق ولا حنين ينبغي أن يخرج لها
حركت رأسها وهي تسأله مرة أخرى بعمق أكثر عندما وجدته يتحدث
مثلت قدامها أننا كويسين ليه حبيبتي وبتاع
ابتسم بزاوية فمه ساخرا منها
فيها ايه لما أقول أنك حبيبتي مش مراتي!
خرج صوتها المحتج تنظر إليه بقوة
جبل بلاش لف ودوران
أومأ برأسه للأمام وهو يضع يده الاثنين ببعضهم البعض يتكأ للأمام بجسده وهو جوارها وقال بجدية وقد كانت هذه رغبته حقا
ماشي أنا عايز كده عايزها تعرف أن وأنتي كويسين أوي
صمتت لبرهة وهي تنظر إليه باستغراب ثم أردفت بجدية تماثل جديته تدلي إليه بشيء غريب تغير به
أول مرة تبقى عايز تثبت لحد حاجه أو بمعنى أصح تبقى عامل لحد حساب ولتفكيره
استدار برأسه ينظر إليها وابتسم بتهكم يقول
بدأتي تعرفيني أهو
اهتمام كبير وتابع نظرات عينيها المستفهمة التي تود الإجابة سريعا وكأنها يهمها أمره
كان فيه بينكم حاجه قلبك كان بيحب
أومأ إليها ولم يخفي عليها سرا قائلا
آه كان فيه بس حاليا قلبي مابيعرفش يحب
تابع وهو يرى نظراتها الغريبة الذي لم يستطع أن يحدد منها أي الشعور ينتابها الآن وقال بغلظة وقسۏة لا توحي بأنه يتحدث عن الحب أبدا
لكن تأكدي لو جت الفرصة اللي يحب فيها مش همنعه سواء عافية أو لأ
وجدته يسترسل معها في الحديث فتجرأت أكثر
عايز تثبتلها ايه
قال بمنتهى البساطة وكأنه يتحدث مع نفسه لا يدري ما العواقب لكل ما يفعله الآن
إني مش جبل اللي تعرفه نهائي ودي حقيقة أنا بقيت واحد تاني تماما وإني حياتي مستقرة معاكي
هتفت بقوة وحزم وهي تسأله بسرعة
يعني أنت مكنتش كده! صح
نظر إليها وقد ندم لأنه غاص معها بالحديث وأدلى بأشياء ليس عليه التحدث عنها كيف له أن يقول كل هذا الحديث دون حساب كيف له أن يتفوه بالكثير عنه وعن حياته معها بكل هذه السهولة
وقف على قدميه بعد أن أبعد نظرة عنها وقال
أنا عندي شغل لازم أمشي ارتاحي
أردفت سريعا وهي تراه يتوجه للخارج
أنت بتهرب
كانت تود أن تعلم أكثر عنه تحدد إن أرادت تبقى لتعلم ما الذي يحدث أو تبقى لأجل ابنتها أو لأجله وهذه الفرصة الوحيدة التي يمكنها تجميع الخيوط منها
استدار إليها ورد بغلظة وخشونة
أنا عمري ما هربت
تفوهت بما يشعر به قلبها وعقلها واتحاد كل ما بها قالت له ما تراه منه وما تفهمه ومع ذلك وإلى الآن لم تفهمه هو خرجت كلماتها بشاجعة وهي تعبر عنه
خليك شجاع للآخر قولي أن ده مش أنت مستحيل يكون في شخص بالقسۏة دي لأ لأ مش قسۏة أنت متناقض أنت رحيم أوي وفي نفس الوقت بتقول أن قلبك مفيهوش رحمة قاسې أوي وفي نفس الوقت حنين
وقف معتدلا ينظر إليها باستغراب لا يفهم
جرعة الشجاعة التي تحلت بها لتتحدث معه بهذه الطريقة ولكن من الواضح ستكون العلاقة أفضل في المرات القادمة سألها مستفهما
عايزة ايه
وقفت على قدميها تدلي بأكثر مما قالته تعبر عن أنها وافقت على حكم السچن المؤبد معه أما المۏت أو المۏت
مش زي ما بتقول بقيت مراتك وأتحكم عليا بالسجن معاك خلاص أنا اتأقلمت وعايزة أقعد هنا فهمني بقى اللي بيحصل
أجابها ببساطة وهو يضع يده بجيب بنطاله يقف أمامها شامخا واثقا من نفسه
مش مسموح أفهمك حاجه ثم أنك عرفتي حاجات كتير أوي مش المفروض أصلا تعرفيها
رفعت أحد حاجبيها ووضعت يدها الاثنين أمام صدرها تقف متحدية له قائلة بسخرية
زي أنك كنت بتحب
أكمل على حديثها قائلا بقوة وقسۏة وهو يخرج يده من جيبه يشير بها إلى صدره في نهاية حديثه بقوة
كنت مراهق واللي قدامك دلوقتي راجل أمر من العمر
أومأت إليه قائلة بصوت متهكم ساخر
أنت فعلا مر بس التشبيه الأفضل غامض أكتر من مثلث برمودا ومتناقض أكتر من واحد مچنون
نظر إليها بعمق يرى انزعاجها من هروبه بعد أن كان يتحدث بكل شيء عنه
لكنه ضحك لأول مرة من كل قلبه دون سخرية أو حزن ضحك بصوت مرتفع وهو ينظر إلى ملامحها وهي تشبهه بأشياء غريبة تراه يماثلها ولكنها محقة وذكية
توقف عن الضحك قائلا بثقة
قولتلك لسه مشوفتيش جنان
تنهد بصوت مرتفع واعتدل في وقفته ينظر إليها بجدية وهدوء تتحرك مشاعره تجاهها وهو لن يوقفها أبدا سيعود شاب مرة أخرى وسيشعر بالحب وهذه المرة لن يتخلى عنه
قال برفق وهدوء بعدما ترك تفكيره بالحب جانبا
غزال لو في حاجه المفروض تعرفيها هتعرفيها في الوقت المناسب ومني أنا شخصيا بلاش الفضول اللي وداكي في داهية ده
تهكمت ساخرة تؤكد
مظنش في داهية أكتر من دي
نفى حديثها بثقة وتأكيد لأنه يعلم أن هناك أكثر من حپسها على الجزيرة وهناك ما لا تستطيع تحمله دقيقة واحدة
لأ فيه يا زينة
اخفضت يدها من على صدرها واستمرت في النظر إليه تشعر بغرابة حديثهم لأول مرة هكذا ولكن يبدو أنها حقا تأقلمت!
أول مرة تقولي زينة
ابتسم بسخرية
للضرورة أحكام
أشارت بيدها تسأله باستغراب ومرة أخرى تشعر بمراوغة حديثه
وهي فين الأحكام دي وفين الضرورة أصلا
تركها وهو يخرج من الغرفة قائلا
مش بقولك فضولية
ولج إلى خارج الغرفة وتركها وحدها عادت مرة أخرى تجلس على الفراش كما كانت تفكر بكل ما حدث منذ لحظات تحاول أن تفهم أي شيء من حديثه الذي قاله فلا يجب أن يكون تحدث معها هكذا لأول مرة ولا تتوصل لأي شيء
كان يحب ابنة عمه ومن الواضح أنها كانت تحبه فلما تركته ورحلت! ولما يشعر بالكره والبغض تجاهها!
قال إنه تغير! لم يكن ذلك الشخص القاسې العڼيف لم يكن جبل العامري القاضي والسجان المچرم والبريء لم يكن أي منهما!
تحدث عن الحب ونظر إليها نظرة ذات مغزى فهمتها جيدا قال إن شعر قلبه بالحب فلن يحرمه إياه هل كان يتحدث عنها!
ما القادم عليهم معا!
توقف عقلها عن التفكير في بقية الحديث الذي دار بينهما وهي تحسب كم من سؤال برأسها لا يوجد له إجابة!
يا لك من محتال أيها الجبل العامري يا لك من مراوغ مختل
بقيت تمارا تحت أعين وجيدة المتفحصة لها بتمعن ودقة ثم قالت بجدية دون خجل أو مراوغة
جاية ليه يا تمارا
رفعت كتفيها للأعلى واخفضتهم مرة أخرى قائلة لها بجدية
جايه بيتي يا مرات عمي هيبقى ليه
بيتك اللي سبتيه بمزاجك ومشيتي وبعدها معرفناش أي حاجه عنك
قالت الأخرى بجدية
واديني رجعت
أكملت زوجة عمها بنظرات حادة جامدة وملامح وجهها تتحول إلى ملامح أخرى مخيفة
واديني لسه بسأل عن السبب
مافيش أسباب غير إني راجعة لبيتي ومكاني
أومأت إليها برأسها وقالت بهدوء
أنا كمان عايزة يبقى ده بس السبب ولو راجعة لجبل تنسيه زي ما نستيه قبل كده
أكملت بجدية شديدة ونبرة حادة تحاول أن توصل إليها أنها حتى إن كانت عائدة له فهو لن ينظر إليها مرة أخرى
تبصي ليه على أنه أخوكي وبس علشان حتى لو غير كده جبل مش هيبصلك تاني أنتي عرفاه اللي بيسيبه مرة بيرميه على
آخر دراعه مليون مرة
تابعت تنظر إليها نظرة ذات مغزى وقالت بنبرة مليئة بالخبث والمكر
وهو دلوقتي خلاص عنده مراته وبنته وحياته اللي شغلاه
ابتسمت الأخرى ببرود وعدلت حديثها قائلة
مرات أخوه وبنت أخوه
وقفت وجيدة على قدميها أمامها وحقا تغيرت ملامح وجهها عندما استمعت إلى تلك الكلمات منها وأدركت أنها آتيه ولا تنوي خير فقالت پغضب
أخوه الله يرحمه زينة مراته ووعد بنته وبكرة هو يخلف ويجيب بنات وولاد من صلبه متحاوليش يا بت العامري تخربي على ولدي
أشارت إليها بيدها بعد أن وقفت هي الأخرى أمامها وقالت بمنتهى الحدة والجدية وحديثها لا يحتمل أي نقاش منها
أنا لو بحبك قيراط قصاده هحب ولدي وبت ولدي تلاته وعشرين قيراط ومش هبقيكي عليهم مرات عمك بتنصحك خليكي في حالك بعيد عن جبل ومراته وبته
حذرتها أكثر وحاولت اخافتها من مجرد الإقتراب منه أو محاولة التودد إليه كالسابق
جبل مش هو الراجل اللي سبتيه ومشيتي بعد لما أبوه ماټ مش هو المحامي اللي وعدك بكل حاجه هتتغير وأنتي بردو مشيتي وسبتيه ولا هو جبل اللي كان رافض شغل أبوه جبل دلوقتي شيطان جزيرة العامري بياكل اللي قدامه أكل لو بس عمل حركة معجبتهوش بملامحه
أقتربت الأخرى منها تنفي حديثها بنفس الحدة التي قابلتها بها تتحدث عنه في عهده السابق كما رأته واعتادت عليه
جبل هو جبل يا مرات عمي هو اللي رافض شغل الممنوعات وهو اللي دافع عن أبوه هو جبل اللي حبني وهو جبل اللي اترجاني أقعد وهو نفسه اللي اشتاق ليا بدل المرة ألف جبل متغيرش
تهكمت عليها الأخرى وهي تشير إليها بيدها تثبت أنه أصبح شخصا آخر ولكنها تتوهم أنه كما كان وسيظل
جبل بقى واحد تاني اللي كان رافض شغل أبوه دلوقتي هو اللي ماسكه ولا مشوفتيش الحرس اللي بره والسلاح
اللي معاهم جبل اللي اتغير بسبب أنه حبك وأهو دلوقتي ما شاء الله عليه ربنا يهدي سره مع مراته
ابتسمت ساخرة ثم تفوهت قائلة
لو كان زي ما بتقولي كان حتى استقبلك استقبال عدل ده مش طايق يبص في وشك
اغتاظت الأخرى وهي تنظر إليها وكأن حديثها صحيح فهو حقا لا يطيق النظر إليها ولا يجيب على حديثها بأي رفق مما كان بينهم لن تقول حب أو غيره بل حتى رفق!
توجهت والدته إلى باب الغرفة وتحدثت وهي تسير بحدة وټهديد واضح
أنا عملت اللي عليا وقولت الكلمتين ولو عملتي غير اللي قولته أنا بنفسي هرميكي في النيل ومش هيهمني إذا نجيتي ولا لأ انتي مش
أغلى منهم
استدارت تنظر إليها وهي تفتح باب الغرفة
فاهمه يا تمارا
أومأت إليها على مضض قائلة
ماشي يا مرات عمي
خرجت زوجة عمها من الغرفة وتركتها وحدها تفكر فيما حدث منذ أن أتت! لقد كانت آتية معتقدة أنه إلى الآن لم يتزوج لم يحب لم تدلف حياته امرأة من بعدها! كانت آتية معتقدة أنها بمجرد ظهورها مرة أخرى سيقول هي بنا للزواج وستنفرج أساريره ولن يكون هناك أسعد منه ولكن من الواضح أنها أخطأت
أخطأت عندما عادت إليه! أو أخطأت عندما رحلت وتركت كل هذا! وتركت جبل!
من الواضح أنه حقا تغير كثيرا شكله قد تغير أصبح أكثر وسامة ونضج جسده حتى وكأنه اندمج مع جسد شخص آخر بتلك العضلات والهيبة التي حلت عليه أكثر من كونه كان مراهق
تغير قلبه وبغضها أحب غيرها عليها أن تفهم ما الذي حدث ليجعله يتزوج من زوجة شقيقه الراحل! ومن هنا تستطع أن تفكر وتستطيع أن تتحرك وتبدأ رحلتها وبحثها عن عودة جبل العامري إليها
تحركت في الحديقة تسير برفق والهاتف بيدها تحاول الاتصال به ولكنه لا يجيب عليها ودت رؤيته والتحدث معه النظر إلى عيناه والتمتع برهبة جسده الطاغي على جسدها الصغير عندما يقف أمامها
أخذتها قدميها إلى خلف القصر وهي شاردة به وبكل ما بينهم لا تنظر حولها ولا أمامها لا تفكر إلا به وبأنها تريده الآن لتمتع أعينها الزرقاء برؤية هيبتة وخفة ظله وحسنه
وقفت خلف القصر تنظر حولها ثم نظرت إلى الهاتف محاولة مرة أخرى أن تحدثه ولكنه لا يجيب زفرت الهواء من رئتيها
بضيق وأخفضت الهاتف ثم سارت خطوات تبتعد عن هنا لتعود إلى القصر مرة أخرى ولكنها فجأة وجدت من يسحبها من يدها ليدفعها إلى الخلف تتوارى عن الأنظار يلامس ظهرها السور وتنحصر بينه وبين الجسد الذي أمامها
ارتعش جسدها وهي تنظر إليه باستغراب شديد حاولت رفع يدها الاثنين تبعده عنها ولكنه صدمها أكثر ووخز قلبها وروحها وهو يرفع عليها مدية يضعها في
متابعة القراءة