سجينه جبل العامري بقلم ندا حسن
المحتويات
جانبها قائلا بغلظة وعڼف
حركة واحدة هعملك عاهة مستديمة اثبتي مش هناخد وقت كتير
كل هذا فقط حدث لها عندما أتت إلى هذه الجزيرة الملعۏنة وعندما قابلته وكنت له الحب بقلبها!
تضاربت حواسها ولم تعد تشعر بأي شيء يحدث من حولها لا تشعر إلا بالقهر والضعف والخۏف الشديد الذي سيطر على سائر جسدها وهي وحدها هنا بين أنياب ذئب قذر دون شقيقتها الحامي الوحيد لها
يتبع
رواية سجينة جبل العامري
للكاتبة ندا حسن
سجينة جبل العامري
الفصل الثاني عشر
ندا حسن
الشعور بالانكسار قد يكون أبشع شعور على الإطلاق أن تكون شخص يشعر بأن هناك من يقف خلفك يشجعك على الاستمرار ويكن العون إليك والسند الذي تبغاه ثم فجأة تقف أمام ذئاب متوحشة في صحراء جرداء وحدك دون الحامي لك فتشعر أنك مجرد حتى من ملابسك فهذا انكسار! وهناك غيره أنواع متعددة
كانت دمعاتها تتهاوى على وجنتيها بغزارة تقف مربطة بجسد متشنج تستند إلى ظهر السور تحاول دفعه للخلف لتبتعد عنه وهي تقول بتعلثم
أنت عايز مني ايه
عاد للخلف برأسه ومازال يقف
واحدة قمر زيك كده هيتعاز منها ايه غير كل خير
انسابت دمعاتها أكثر وهي تنظر إليه پقهر تشعر بمدى قذارته ودنائه نظراته نحوها فقالت برجاء وهي تبكي
لأ عملتي بس يمكن وأنتي مش واخده بالك
عملت ايه طيب
قربتي وحبيتي وعاندتي
حركت رأسها هي الأخرى يمينا ويسارا بعدم فهم تخرج منها شهقات متتالية بړعب وذعر شديد تشعر به كلما شاهدت نظرته نحوها
أنا أنا مش فاهمه
ابتسم وهو يرفع يده التي على الحائط إليها يضعها فوق ذراعها يسير عليه برفق ورقة وهو يتحسسه قائلا ببرود ومكر
شعرت أنه يتمادى وهو يسير بيده عليها فدفعت يده وحاولت أن تستجمع نفسها وقالت من بين بكائها وشهقاتها المستمرة بتعلثم وضعف شديد
أبعد عني والله ممكن اصړخ وألم القصر عليك
ابتسم بسخرية وهو يعود بيده مرة أخرى إلى الحائط كي يحاصرها
اصړخي وأنا هدب المطوة دي هنا ونخلص بعدها ونقول واحد نط من على السور زي اللي حاول ېقتل جبل كده
اعتصرت عيناها وهي تبكي نادمة على كل شيء مر عليها هنا سواء كان فرح أو حزن جيد أو سيء وقالت وهي ترتعش
أبعد عني يا
قاطعها سريعا وابتسامته تتسع أكثر قائلا اسمه
صړخت به بانفعال وهي على وشك الاڼهيار والوقوع إلى الهاوية
أنت مچنون حرام عليك أبعد أنا معملتش حاجه
عاد للخلف وأخفى المدية بيده وهو يأخذها إلى جيبه سريعا وقال بسخرية ضاحكا
هبعد أنا بس كنت بهزر معاكي بس عارفه لما أبعد لو فتحتي بوقك لحد مش هسمي عليكي
أومأت إليه برأسها سريعا عدة مرات بقوة وقالت من بين بكائها الذي حاولت السيطرة عليه
مش هتكلم أبعد بقى
عاد للخلف أكثر وأفسح لها المجال للعبور وقال مرة أخرى محذرا إياها
أنا حذرتك أي حد
تعود ثانية تومأ له برأسها بهستيرية وهي تنظر إلى ابتعاده عنها وأبصرته ينخفض إلى الأسفل يأتي إليها بهاتفها ثم أعطاه لها وهو ينظر إليها مبتسما بسخرية وتهكم لم تعطي إليه الفرصة لفعل شيء أخر أخذته منه ثم سريعا دفعته بيدها وذهبت راكضة إلى الأمام تاركة تلك المنطقة المشؤومة وهي تبكي بقوة وصوت بكائها يرتفع كلما ابتعدت عنه فصاح بصوت عال يحذرها
ها
انخفض صوتها وهي تركض ورأها تضع يدها على فمها كي تكتم شهقاتها وصوت بكائها الذي خرج منها بفعل تلك الخضة والشعور بالخۏف والذعر الذي مرت به معه
أبتعد هو يعود إلى مكانه مرة أخرى وعلى وجهه ابتسامة خبيثة تظهر للأعمى وتوضح أنه شخص قذر
بعدما أبتعد عن خلف القصر وذهب إلى الأمام تعالت ضحكات آخرى تأتي من الأعلى لم تكن سوى فرح التي كانت تقف في الشرفة أعلاهم تتمسك بالهاتف وتقوم بتسجيل كل ما حدث لحظة بلحظة كل فعل ومعه رد الفعل الخاص به ولكن من أي زاوية وكيف كان المشهد بالهاتف! فهذا هي فقط ما تعرفه
ابتسمت بانتصار وتحركت تدلف للداخل وقلبها خالي من الغيرة تجاهها في فترة لحظية فقط لأن قلبها ينشغل الآن بالسعادة لأجل ما حدث منذ لحظات ينشغل بفرحة الإنتصار لأنها ظهرت بالوقت المناسب لتسجل ما حدث بينهم ويكن ذلك السيف بين يدها لتتخلص منها وتبعدها عنه إلى الأبد
كان مخطئ للغاية عندما وقف أمامها وتحداها إنها فرح العامري من فرع العامري وامتداد العائلة الكريمة والتي لم ترى كرم يوما إنها من امتداد عائلةت تجارة الس لاح وغيره
ذهبت الأخرى باكية پقهر وحړقة ولكنها محت دمعاتها عندما دلفت القصر وصعدت إلى الأعلى دون أن يراها أحد ولجت إلى الغرفة وأغلقت بابها خلفها عليها من الداخل ثم ألقت نفسها على الفراش وأخذت تبكي بقوة وصوت بكائها يعلو للغاية استمعت جدران الغرفة والأبواب إلى بكائها وشاهد الطلاء حزنها وكسرتها وكل ركن شهد على كل شهقة خوف ورهبة خرجت منها ومن أعماقها
يا لها من لحظات بشعة قهرية مرت عليها وحطمت ما بها لقد وقع قلبها على الأرض ولم تعد تدري أين هو فقد أشعرها بالخۏف الممېت وهو يقترب منها إلى هذا الحد ويقول كلمات لم تفهم منها شيء ولم
تعرف السبب الذي جعله يفعل بها هكذا!
شهقت پعنف وهي تبتلع غصة مريرة شعرت بها تعبر جوفها وارتجف جسدها أكثر وهي تفكر في أن هذه كانت البداية منه فقط فما الذي سيفعله أن رآها مرة أخرى وما الذي يريده منها ولما فعل ذلك ولما تركها
أسئلة كثيرة تدور داخل رأسها تحاول أن ترى لها أي إجابة من أي إتجاه ولكن لا يوجد لا يوجد سوى الشعور بالخۏف وعدم الأمان والرهبة
إنها كانت هناك فقط لرؤيته ذلك الذي أرهب قلبها وجعلها تشعر بالحب تجاهه كانت تتقدم للبحث عنه والنظر إلى وجهه والاستمتاع بقربه هو الوحيد فقط هنا الذي اكتسبته واكتسبت معرفته وقربه وحبه لها ولكنها لم تكن تتوقع
أبدا أن تقابل لحظة مصيرية فارقة في حياتها أما كانت تكتمل أو تنتهي كما بدأت مثلما حدث منذ لحظات
توقفت عن البكاء واعتدلت على الفراش تنظر أمامها بعمق تضيق عينيها بتفكير لما فعل هذا في لحظات وتركها! كان يريد أن يرهبها فقط أم هناك سبب آخر لا تستطيع الوصول إليه!
جلست ابنة عمها وصديقتها التي كانت مقربة إليها للغاية قبل أن ترحل وتترك الجزيرة بقيت أمامها على الفراش تجلس معتدلة تنظر إليها بعمق ثم سألتها بجدية مستفسرة
قوليلي يا فرح جبل وزينة اتجوزوا إزاي
تركت فرح الهاتف من يدها واعتدلت هي الأخرى تنظر إليها بجدية وقالت بعدما زفرت الهواء من رئتيها
دي حكاية
تعمقت الأخرى في النظر إليها والاستماع إلى حديثها بجدية تامة وقالت بحماس
احكيهالي بقى
غمزتها فرح بعيناها السوداء وهي تتابعها تحاول أن تفهم ما الذي تريد الوصول إليه بعد أن أتت إلى هنا مرة أخرى
جاية ترجعيه قوليلي ولا هتخبي عني
استنكرت جملتها ثم أبعدت وجهها وهي تتحدث بضيق
أنا اخبي عنك بس خاېفة تكوني زي أخوكي ومرات عمي اللي اتشقلب حالهم
رفعت الأخرى أحد حاجبيها تأنبها على تركها لكل شيء خلف ظهرها فقط لأنها فكرت بنفسها بأنانية
ما أنتي اللي خايبة مشيتي وسيبتي كل ده يروح من ايدك ولما رجعتي لقتيه فعلا راح
أومأت برأسها وهي توضح لها أنها أخطأت وتريد الصلاح ولكن ذهولها منه تحكم في نبرتها
واديني عايزة ارجعه واتعلمت من غلطي بس ازاي ده جبل كأنه واحد تاني ده كأنه محبنيش يوم
فهمت شقيقته أنها تود أن تلقي باللوم عليه بعد أن تأكد خطأها قائلة بأنه لم يحبها من الأساس ولكنها عارضت حديثها وواجهتها بحقارتها
لأ حبك يا تمارا متضحكيش على نفسك علشان تبرري عملتك جبل حبك واتهز لما مشيتي وسيبتيه في الوقت اللي كان محتاجك فيه وبقى دلوقتي زي ما أنتي شايفه
سألتها بقلة حيلة مستنكرة حديثه مع زوجته
طب أعمل ايه علشان يرجع وأبعد زينة دي عنه أنا مش فاهمه هو بيحبها ولا ايه بس بيعاملها كويس أوي ده بيقولها حبيبتي اللي عمره ما قلهالي طول عمره ناشف مالوش في الكلام ده
ضحكت على حديثها ثم نظرت
إليها بقوة قائلة بسخرية
لأ يا حلوة ده بيغيظك ولا بيقول حبيبتي ولا غير حبيبتي أنتي أصلا مش فاهمه اتجوزوا إزاي ولا حتى زينة جت هنا ليه
زفرت الأخرى بضيق قائلة
ما تقولي الله
بدأت تسرد لها ما حدث بهدوء
زينة جت هنا علشان عايزة ورثها من يونس أخويا لكن لما جت وقعت في المصيدة أمي عايزة وعد بنت يونس تفضل هنا ومتطلعش من الجزيرة فقالت لجبل يتجوزها
أكملت تحت نظرات تمارا التي تبتسم وتزداد ابتسامتها اتساعا وهي تستمع إليها
جبل رفض وقالها أنه هيحاول بأي طريقة تانية وأنتي عارفه طرقه كتير بس زينة حليت في عينه فجأة ووقفت قصاده في كل كلامه لحد ما طلبها للجواز رفضت بردو وحاولت تهرب واتنازلت عن كل حاجه في سبيل أنها تمشي لكن جبل مسمحلهاش
استردت وهي تعود بظهرها للخلف
عجبته أوي وقال مش هيحلها لحد ما اتجوزها زي ما أنتي شايفه بعد كده اللي بيحصل بينهم محدش يعرفه إن كان حقيقي ولا كدب
سألتها باستغراب فكل ما قالته يبدو جيد للغاية بالنسبة إليها وما أوضحه إليها فهمت مقصده منه
اشمعنى
تهكمت عليها فرح وهي تنظر إليها بسخافة
علشان مش قدامنا يا ناصحة بيحصل في اوضة النوم
ابتسمت تمارا باتساع وهي ټضرب بيدها على ركبتيها بفرحة كبيرة تسألها
بس المهم أنه ولا كان عايزها ولا هي طيقاه صح
أومأت إليها الأخرى مستغربة سعادتها
صح
أكملت تسألها مرة أخرى بابتسامة أكثر اتساعا من السابقة
وكانت عايزة تهرب وتسيبه
مرة أخرى تأكد لها
آه
أبعدت وجهها للناحية الأخرى وهي تحدث نفسها بصوت مرتفع يبدو عليه السعادة
كده اتحلت خالص وسهلة خالص
استغربتها ابنة عمها فعادت للأمام ثانية تنظر إليها مستفسرة عن حديثها الذي لم تفهمه
هي ايه دي اللي سهلة
حركت وجهها إليها ونظرت داخل عينيها وهي تقول بسعادة خالصة وكأنها حصلت على حبل لغزه لتستطيع العودة إليه
إني أرجع جبل
حركت فرح رأسها تسألها باستفهام مضيقة عينيها عليها بجدية شديدة
إزاي
رفعت حاجبيها وحركت إصبعها أمامها وهي تقول بقوة متأكدة من حديثها وبدأت الفكرة أن تلعب داخل رأسها
لأ دي بتاعتي خليها ليا أنا واقولهالك بعدين
بس بقولك
ايه أنتي في ضهري لو عوزت أي حاجه معايا ماشي
أومأت إليها بثقة فهي حتى لو لم تساعدها لأجلها ستساعد نفسها ف أيا كان ما الذي ستفعله تمارا مع زينة فهو سيعود عليها بالنفع عندما ترحل من هنا وتأخذ شقيقتها معها
طبعا معاكي هو أنا هحبها أكتر من بنت عمي
ابتسمت لها بسعادة
فرح بصحيح
ومن هنا بدأت اللعبة معها على حق علمت كيف ولما تزوج من زوجة شقيقه لقد كانت تائهة بينهم ولكن الآن أصبحت تعلم أين المرسى وما الذي ستفعله معهم لتسترد ما كان لها ولتعد البلاد إلى حاكمها
كان عاصم يقف داخل غرفة الحراسة ما كاد إلا أن يخرج هاتفه لمحادثها إلا أنه وجده يصدر رنينا عاليا أخرجه من جيبه ونظر إليه ليجد طاهر يحادثه
أجاب عليه قائلا باستغراب مضيقا عينيه
بتكلمني ليه
أجابه الآخر باستهزاء وتهكم وصل إليه من خلال نبرة صوته
هو عيب لما أكلمك ولا ايه
زفر الهواء من رئتيه بنفاذ صبر قبل أن تبدأ المحادثة بينهم حتى وصاح قائلا
عايز ايه يا طاهر انجز
تخللت نبرته السخرية وهو يقول مجيبا إياه
واحشني يا جدع قولت أمسي عليك
سأله يبادله سخريته وهو يضغط على الهاتف بيده بقوة
ومسيت
بمنتهى البرود أجابه طاهر
لأ لسه
صاح به بنفاذ صبر وهو يتحرك بالغرفة بعصبية
انجز
تنهد بصوت مرتفع وقال له بجدية بعد أن اعتدلت نبرة صوته
مش ناوي تكمل المسيرة بتاعتك وتبقى أوفى راجل عرفه جبل
سأله عاصم مضيقا ما بين حاجبيه
اومال أنا ايه يا طاهر
ضحك بصوت مرتفع ضحكات متفرقة بسخرية مستهزأ به ومتهكما عليه وأكمل حديثه بجدية ذات مغزى
اوفى راجل بس من ناحية تانية جالي أخبار كده إنك وقعت ومحدش سما عليك سما زرقا وشعر أصفر
اعتدل عاصم وثبت في وقفته ولم يتحرك فمرت هي كالهفوة على عقله عندما استمع إلى حديثه ولكنه أردف
أنت قصدك ايه
لم ېكذب عليه بل أفصح عن قصده بلا مبالاة
هيكون قصدي ايه غير الجمال التركي النادر
على صوت عاصم پغضب صارخا باسمه
طاهر
أخذ الآخر ما يريد فابتسم وهو يعود لتهدئته
اهدى بس على نفسك بالراحة دا أنا حتى كنت هباركلك متبقاش حمقي كده
لم يعطي إليه الفرصة للتحدث أكثر من ذلك وصړخ مرة أخرى وصبره ينفذ حقا
بقولك عايز ايه
سأله بخبث ومكر
مش ناوي ترجع الملاعب علشان نوقف كل اللي بيتدربوا
وقف شامخا وأجابه بتأكيد وثقة
أنا موقفهم كده كده يا طاهر وأنت عارفني كويس
ضغط طاهر على أسنانه بقوة وأردف بټهديد واضح بعد أن أدلى برفضه لحديثه
مش لوي دراع يا عاصم فاضلك عندي تكه واحدة
لم يعير حديثه أي اهتمام بل أكمل عليه ساخرا
اعتبرها مش موجودة ووريني أخرك
سأله بقوة وهو يتوعد له
أنت شايف كده بايع يعني
أومأ برأسه وأدلت بالكلمات شفتيه وارتفع صوته وهو يقول پغضب
آه بايع يا معلم ويلا في داهية
استمع إلى صوته الذي ېهدد إياه
طب متبقاش تزعل
ضحك بسخرية يردها إليه ثم صاح بقوة يذكره بتاريخه معهم
أنت هتعملهم عليا إحنا عارفين من فينا اللي كل يوم والتاني زعلان غور بقى
أغلق الهاتف بعصبية بعد أن عكر ذلك الحيوان صفوه وهو الذي كان في مزاج جيد للغاية وعلى بعد لحظة واحدة من الوصول إلى تلك الغريبة الغبية الطفلة المزاجية والتي تتحول كل ثانية الذي اخترق معها كل القواعد وتعدى الخطوط الحمراء وابتعد عن مساره الصحيح وأبحر داخل محيط ليس به مرسى وليس به مكان للنجاة لقد أغرق نفسه بنفسه وهو يركض من هنا إلى هناك خلف هواجس غريبة تخللت وسارت داخل عقله وأثبتت إليه أشياء لم يكن يعرف لها معنى ولم يكن يدري بوجودها
نظر إلى الهاتف وأعاده مكانه مرة أخرى وهو يزفر بضيق فقد كان يود أن يتسلى قليلا بذلك العبث الذي يفعله بها
عاد إليه عقله مبتعدا عن التفكير بها وللحظة تذكر حديث
متابعة القراءة